تقع مدينة بوسعادة على بعد 245 كلم جنوب العاصمة، في نقطة ألتقاء الإحداثيات الجغرافية 11- 4° على خط الطول الشرقي و 13- 35° على خط العرض الشمالي ، وترتفع على مستوى البحر بـ 560م ويقدر عدد سكانها بـ 150000نسمة.
من مسمياتها مدينة السعادة وكذا بوابة الصحراء نظرا لكونها أقرب واحة إلى الساحل الجزائري.
كانت إلى وقت قريب مزار الكثير من الأوروبيين وقبلة السياح الذين يأتونها للراحة والاستجمام والاستمتاع بمناظر النخيل ودعة الشمس التي تطل من وراء جبل كردادة محملة بنسائم العشق والوله الذي كان يرسله العشاق والشعراء في مدينة السحر والجمال بوسعادة واحة النخيل مرتع حضارة ورجال ذهبوا في أعماق التاريخ مخلفين آثارهم في كل مكان.
وفي الأربعينات سحرت بوسعادة الأمريكيين بمناظرها الطبيعية وقد كادوا يقيمون أستوديوا ضخما للسينما في بوسعادة لما تتمتع به من صور غاية في الجمال والروعة تصلح لان تكون مشاهد سينمائية متميزة لا تحتاج إلى ديكور أو مهندسين. فالذين وقعوا في حب هذه المدينة هم كثر ولكن لن يكونوا أكثر من الفنان الفرنسي الشهير ايتيان ديني المولود بباريس عام 1861ميلادي والمعتنق للإسلام عام 1913م غرق في حب بوسعادة والى الأبد.
هو عاشق بوسعادة وفنانها الكبير الذي يسمى بيته اليوم بمتحف نصر الدين ديني جاء من باريس من تلافيق الحضارة المادية وضيق الإيديولوجيات التي لا تريح مزاج المبدع فخرج يطوي الأرض نحو بوسعادة حيث حط الرحال واستراحت نفسه للإسلام فدخل فيه فردا مؤمنا كأعذب ما تكون روح المسلم وتلقب باسم نصر الدين ديني بعد أن قضى فترة طويلة في واجهة بوسعادة يستلهم من جمالها لوحاته وإبداعاته تمثل صورة الحياة الصادقة الصافية.
عبر نصر الدين الفنان المسلم حدود الجمال الطبيعي وذهب بعيدا في غور الروح فإذا هو مسلم يصوم ويصلي.
في بوسعادة اسلم وفي بوسعادة قضى حياة فنية عامرة بالعطاء والرسم وفي بوسعادة اليوم ضريحه وبقية من روحه العطرة وتراث ثري من الإبداع الذي استلهمه نصر الدين ديني من بوسعادة وحياة ناسها البسطاء الطيبين من طبيعتها الساحرة من نخيلها الباسق ومن تمرها الحلو وهي التي سكنت قلبه فسكن أرضها إلى الأبد.
و من الفنانين الذين زاروا بوسعادة نجد:نواري ماكسيم Noiré Maxime ،أوجين جيرارديه Eugène Girardet ،بوان آرمونPoint Armand ،تيودور شاسيريو Théodor Chassériau ،وإدوار فرشافيلت Edouard Vershaffelt هذا الفنان البلجيكي الذي تزوج و عاش و استقر في بوسعادة كذلك.
و الزائر لبوسعادة سيجد فيها إقامة طيبة طيبة أهلها ،كما تتميز بعدة فنادق نذكر من بينها:فندق الإقامة الطيبة،فندق
المنظر الجميل ،و فندقي كردادة و القائد اللذان يمتازان بشهرة طيبة.
تاريخ بوسعادة كما يقدمه علماء الآثار والباحثون يضرب في أعماق التاريخ يحكي شواهد هذه الواحة التي يقول المؤرخون أنها كانت آهلة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ وقد تم العثور على مسافة 4 أو 5 كلم جنوب المدينة على العديد من الآثار التي تدل على وجود سكان على ضفاف وادي بوسعادة منذ العهد «الايبيروموريزي» أي منذ حوالي ثمانية آلاف أو عشرة آلاف سنة. كما تم العثور على كمية كبيرة من الأدوات المصنوعة من معدني الليتيوم واستخرجت المكاشط والصفيحات وقطع الصوان من طبقات المعادن المحاذية للوادي بالإضافة إلى بقايا جثث حيوانات ذلك العهد.
وعلاوة على ذلك فقد لاحظ المؤرخون والباحثون وجود اثر حيوانات رباعية الأقدام على جدران صخرية تبعد بعض الكيلومترات شمال غرب الواحة وكانت هذه الحيوانات محل اصطياد وعيش أناس ما قبل تاريخ عصر المنطقة.
لقد اشتهرت بوسعادة مثل بقية المدن الجزائرية التاريخية بفنون العمارة الإسلامية وشهدت فيها المساجد والبناءان العمرانية نموا ملحوظا بل وبرز من خلال هذا العمران أهمية الروح الإسلامية والطراز الهندسي الفاخر الذي تميزت به مساجد بوسعادة كما هو حال مسجد النخلة والمسجد العتيق الذي بناه الشيخ العالم سيدي ثامر.
وقد استعمل البناءون البوسعاديون في عمارتهم وسائل طبيعية كالنخيل و العرعار ووظفوا ما لديهم توظيفا موفقا في بناء المساجد التي تقدم النموذج الأمثل في العمارة والبناء الإسلامي بفنونه وزخارفه وطرزه الرائع.
ناهيك عن العلوم وفنون التحصيل المعرفي الذي تميزت به بوسعادة عبر تاريخها المجيد حيث ترعرع فيها علماء ومفكرون، رجال علم وثقافة وإبداع شادوا فيها نهضة لاتزال أثارها باقية حتى اليوم.
هذه هي مدينة السعادة الواحة الجميلة وبوابة الصحراء الجزائرية